Today Our contribution to the rural women's & child health group organization the work we are doing



ما بين الفعل وردة الفعل، والواقع..



وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في خطوة أجرائية أولى في اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بمدينة القدس كعاصمة للسلطات الاسرائيلية. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يبدي فيها رئيس أمريكي رغبته في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؛ حيث تم التعبير عن هذه الرغبة في الحملات الانتخابية للأحزاب المختلفة التي استخدمت هذا الأمر في جذب الناخب اليهودي في الولايات المتحدة. ورغم أن دونالد ترامب عبر بعد انتخابه مباشرة عن رغبته في تأجيل الأمر، إلا أنه عاد في الأسبوع الأول من كانون الأول 2017 ليبدأ بخطوات فعلية على الأرض لنقل السفارة. ومن الجدير بالذكر، إذا أراد المرء أن يراجع السفارة الأمريكية فكان يتوجب عليه أن يزور الممثلية الموجودة في مدينة القدس والتي بدورها تتواصل مع السفارة الموجودة في تل أبيب، بخلاف دول أخرى ممن تملك ممثليات في رام الله وتل أبيب.



لا أريد أن اخوض بعمق عن تداعيات ذلك سياسيا ودوليا، فهناك الكثير ممن يتفوقون عليّ في قراءة الوضع الراهن بمستوياته المتعددة؛ لكني أريد ان أثير بعض الأمور التي قد يطرحها مواطن عادي من مواطني الضفة الغربية أو قطاع غزة.



بعد احتلال القدس، قاطع معظم العرب زيارة القدس بحكم أن دخولهم إليها يستوجب أن تختم السلطات الاسرائيلية على وثائق سفرهم، ومنذ الانتفاضة الثانية وما رافقها من عمليات، أُغلقت القدس في وجه الفلسطينين من حملة الجوازات الفلسطينية، وأصبح دخولها يستوجب الحصول على تصاريح أو ما يمكن أن يسمى بتأشيرة دخول لفترات قصيرة تختلف باختلاف هدف الدخول. بالإضافة إلى ذلك فإن سياسة تهجير أهل القدس وسحب إقاماتهم وهدم بيوتهم كانت ولا زالت مستمرة تحت مظلة الحجج الأمنية لخدمة الهدف السياسي لتهجير أهل القدس وتهويدها. ليس على المرء إلا أن يدخل القدس ويمشي في أزقتها القديمة لتنطق حجارتها بالظلم وبالقهر الذي شهدته هذه المدينة.



ما أريد قوله أن القدس مغتصبة منذ اللحظة التي احتلت فيها، وكان العالم أجمع، والعالم العربي يدرك أن لحظة اعتراف شخص يعتلي كرسي رئاسة أمريكا ويفترض أنه يملك أرضا أعرق ما في التاريخ ليمنحها بالقوة لقوة اغتصبتها بالقوة قد تأتي في وقت يكون فيه الصف العربي أضعف ما يكون كما هو عليه الحال الآن. السؤال الذي أطرحه كفلسطينية تربت على حب كل حبة تراب من فلسطين كلها، ما الاستراتيجية التي وضعتها الدول العربية والسلطة الفلسطينية لمواجهة مثل هذا الوضع؟ ما الإجابة التي ستعطيها الحكومات لشعوبها التي خرجت في تظاهرات تطالب بحماية القدس؟



لنبدأ بالسلطة الفلسطينية، اعتبرت السلطة القرار ضد اتفاقيات السلام المبرمة بين السلطة الفلسطينية والسلطات الاسرائيلية والتي لم تحترمها دولة الاحتلال منذ زمن طويل، كما قدمت شكوى لمجلس الأمن الدولي الذي تملك فيه الولايات المتحدة حق الفيتتو.



وفي قطاع غزة، دعت حماس إلى انتفاضة ثالثة ولكنها لم تعلن عن أهداف وأدوات واستراتيجية هذه الانتفاضة. لقد خاض الشعب الفلسطيني الانتفاضة الثانية دون استراتيجية وخرج منها بمساحة أراض أقل وبجدار قيّد الفلسطينين بشكل كبير، وأدى ذلك إلى تشرذم بين قطاع غزة والضفة الغربية. السؤال الذي يطرح نفسه هو هل ينبغي أن يخرج أي طرف ويدعو لانتفاضة نتوقع أن نخسر فيها أفضل شبابنا. بدلا من ذلك، ينبغي تطوير استراتيجية واضحة، تضعها مختلف المستويات الشعبية والسياسية، يجري الترويج لها داخليا وخارجيا، تسير نحو أهداف واضحة تخدم القضية الفلسطينية أرضا وشعبا، وإلا فإنها ستكون غطاء لمزيد من غطرسة الاحتلال. ينبغي أن تُحترم حياة الفلسطيني كما تُحترم أرضه وقدسه.



الفلسطينيون أصحاب حق وأصحاب أرض وأصحاب شرعية. وهذه الشرعية ليست ممنوحة من الدول العربية أو الغربية أو الولايات المتحدة الأمريكية. إنها شرعية صاحب الحق وصاحب الدار، وإن كان الواقع مريرا بسبب ميزان القوى الراهنة. بالتالي لا يمسح منح الحق لغير صاحب الحق بقوة الظلم والقهر التاريخ العريق. يدرك الفلسطيني البسيط، صاحب الحق، ذلك وهو يعيش بجانب الجدار الذي يفصله عن القدس، وبإيمانه بشرعيته يرابط في أرضه. هذا الفلسطيني البسيط يريد استراتيجية واضحة تحوّل أمله، ولو بخطوات بسيطة، إلى نتائج على أرض الواقع.



السؤال هو هل تكون هناك ردة فعل لأنه يجب أن يكون هناك ردة فعل أم لأن الحدث بخطورته يستدعي ردة فعل، وهل تم التخطيط لردة الفعل هذه ضمن استراتيجية تخاطب المجتمع الدولي. ينبغي البعد عن التخبط في ردود الفعل لمجرد اسكات مشاعر الغضب لدى الفلسطينين أو العرب. الفلسطينيون مقيدون في خياراتهم، والخيارات المتاحة أسوأ من بعضها لكن هذا لا يعني اللجوء إلى التخبط لمجرد التحرك. بالإضافة إلى ذلك، يشهد الوطن العربي حالة من الاضطرابات والحروب، مما يفقد الفلسطينيون الدعم السياسي من الدول العربية، بل تأتي الإدانات من كثير من الدول العربية باستحياء بعبارات ملها ولم يعد ينتظرها المواطن الفلسطيني. يدرك الفلسطيني قيادة وشعبا خطورة الوضع الراهن، والخطوات التي ستتبع الاعتراف بالقدس كعاصمة، إنها سياسة الأمر الواقع.



أما بالنسبة لمعظم الجهات الفاعلة على المستوى العربي، فإن غياب استراتيجية واضحة لما هو متوقع، إنما هو من باب السكوت من علامات الرضا، وما هو إلا بالدفع نحو واقع جديد رسمته الولايات المتحدة للمنطقة التي شهدت صراعا لسنوات طويلة رافقته محادثات لم تنجح في الوصول إلى اتفاقيات الوضع النهائي، بل باتت تفرض هذا الواقع سياسة الأمر الواقع الذي تفرضه السلطات الاسرائيلية برعاية أمريكية.



ينبغي أن يكون رد الفعل منظما واعيا، ويرقى لمستوى فلسطين: الأرض والإنسان. الخطوة الأولى في ذلك هي مواجهة الواقع، وعدم التنازل عن الثوابت، وموازنة ذلك ومصارحة الناس بذلك. لقد خسر الفلسطينيون الكثير بسبب غياب الاستراتيجية والرؤية، وإن لم يكن في الاستطاعة تقديم ردة الفعل المناسبة في الوقت الراهن، فمن من الواجب على الضمائر الحية أن تحترم عقول الناس وغضبهم والأهم من ذلك أرواحهم.



Like this story?
Join World Pulse now to read more inspiring stories and connect with women speaking out across the globe!
Leave a supportive comment to encourage this author
Tell your own story
Explore more stories on topics you care about