Violnece aganist women in Palestine



يعرف العنف ضد المرأة حسب الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنه أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو برجح أن يترتب عليه أذى ومعاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء كان ذلك في الحياة العامة أو الخاصة .



ولقد شهد الشارع الفلسطيني في الأونة الأخيرة نداءات عديدة لحماية المرأة من العنف الموجه ضدها بعد مقتل ما يزيد عن عشر نساء هذا العام لاسباب مختلفة على أيدي ذكور من عائلاتهن مما اعتبر زيادة ملحوظة في جرائم القتل الموجهة ضد النساء. ومن بين الحالات البشعة التي جعلت الموضوع حديث الشارع قصص الفتاة التي ألقيت في بئر وتركت لتموت، وقصة إمرأة أخرى طعنت في منتصف النهار أمام الناس. وبات من المتعارف عليه أن تلبس جرائم القتل رداء الشرف، وأن تأتي من باب أن الذكور في المجتمع الفلسطيني الشرقي يتحملون المسؤولية الأولى عن جسد الفتاة وسلوكياتها، وما يرافق ذلك من الممارسات أو الايحاءات الجنسية، والتي تبيح لهم القتل وتبريره. مع العلم، أنه قد ثبت أن هناك العديد من الحالات التي قتلت باسم الشرف، قتلت لاسباب أخرى ولكنها بررت بالشرف. وهناك حالات أخرى كانت الفتيات فيها عذارى، ولم تكن جريمتهن سواء أنهن قد أحببن، أو شاهدهن أحد ذكور عائلاتهن وهن يتحدثن مع أحد الذكور. وقد قد ترتكب جرائم أخرى بعد حدوث مشاكل عائلية وما يرافقها من خلاف على الأولاد أو الأموال.



ومن أشكال العنف الاخرى الموجودة داخل المجتمع الفلسطيني، التحرش الجنسي والاغتصاب داخل العائلة. ويستخدم جسد المرأة هنا كوسيلة للاستغلال والابتزاز. فقد تتعرض الفتاة لاعتداء جنسي من احد قربائها الذكور أو المحارم، وتضطر للسكوت خوفا من الفضيحة، أو خوفا من اتهامها بأنها المبادرة أو ربما أنها تخفي شيئا وتحاول أن تخفيه بالادعاء بأن أحد أقاربها الذكور حاول الاعتداء عليها.



ولعل اكثر اشكال العنف الموجهه ضد المراة هي العنف الجسدي، والذي يستخدم عادة كوسيلة للانتقام، أو التأديب (هذا ما يعتقده الفاعل)، او الحد من حرية المرأة او لمنعها من ممارسة حق من حقوقها. ويبرر العنف الجسدي بأنه وسيلة للتأديب أو لمنع المرأة من ارتكاب حماقة وما إلى ذلك. ويقوم هذا التبرير على افتراض ان الله قد منح الذكور كمال العقل في اتخاذ القرارات، ومنحه أيضا كمال العضلات ليمنع من يخالف كمال العقل هذا من ارتكاب حماقة. وهو تبرير اخر يقوم أيضا على الثقافة الذكورية التي تسيطر على كل مجريات العائلة.



ومن مظاهر العنف الأخرى التي لا تعيها معظم النساء، العنف النفسي، وهو العنف الذي يلعب دورا ممهدا ولكن من خلف ستار لكل اشكال الهمينة والسيطرة العنيفة الذكورية على المرأة. فاعتقاد المرأة بأنها العنصر الأضعف، وبأنها لن تحصل على الأفضل، يجعلها تقبل نفسيا أشكالا متعددة من العنف الجسدي واللفظي والتي قد تصل في حالات قليلة الى الحد الاقصى من العنف وهو القتل. ولي أن أقول أن الأغلبية من الشعب الفلسطيني يعيشون تحت تأثير هذا العنف الجنسي حتى الرجال منهم. ولي أن اوضح ذلك بالقول أن العائلة، والتي يكون اساسها الأب والأم، هما العنصران اللذان يشكلان الأداة التي تنقل الثقافة من المجتمع إلى العائلة. ومن العائلة يخرج الأفراد الذين ينقلون ثقافتهم الى المجتمع، ومن هنا تتشكل ثقافة المجتمع. فإذا كانت هذه العائلة تنقل صورة الأب المهيمن، والأم التي تسكت عن حقها ضعفا، فإن الأبناء والبنات سيتقمصون هذه الأدوار تلقائيا ويصابون بهذا المرض المجتمعي ويتقبلونه ويعطونه شرعيته. ومثال ذلك، أن هناك الكثير من الرجال المضهدين في الاطار العام هم رجال مضهدين لنسائهم في داخل العائلة باسم ثقافة المجتمع، وهم هنا يستخدمون الثقافة لتبرير افعالهم، وهي الأمر ذاته التي تستخدمه النساء لقبول سيطرة الرجال.



فالعنف بأشكاله داخل الأسرة سواء حدث داخل المنزل أم خارجه يعتبر شأنا من شؤون الأسرة الخاصة التي يمنع الحديث عنها خارج أطار الاسرة خصوصا من جانب النساء. ويمجد المجتمع هنا دور الضحية التي تسكت وتصبر وتقبل بواقعها خوفا من الفضيحة. وأقصد بالفضيحة هنا بالمفهوم الفلسطيني هي معرفة الناس بما يحدث داخل المساحة العائلية الخاصة بالعائلة، ومعرفة تفاصيل تخص الحياة الجنسية او الخاصة لأفرادها - خصوصا حين يتعلق الأمر بالإناث - والنظرة التي ترافق ذلك، واستخدام هذه المعرفة للحديث وربما التسلية في شؤون الناس الخاصة والقاء اللوم على الفتاة أو المرأة. وتسبب هذه المعرفة حرجا لأفراد العائلة وربما وسيلة لابتزازهم وخصوصا الذكور منهم نظرا لزيادة نسبة ظهورهم خارج المنزل، ويخفف من حدتها مقولة " إنه رجل". ومن الجانب الاخر، ترافق الفضيحة المرأة بقية حياتها، وتستخدم لاضطهادها مستقبلا، والتقليل من قيمتها الاجتماعية، وتستخدم لتفسير كل سلوكياتها المستقبلية.



أنا لا أخرج المرأة من دائرة اللوم، ولا أستطيع أن أفعل ذلك لأني ساكون شريكة في الجريمة. فاستراتيجية السكوت عن العنف سواء الجسدي أم اللفظي أم النفسي الموجه ضدها هي التي تعطي شرعية لكل أشكال العنف الموجه ضدها وضد النساء الأخريات. وهي الاستراتيجية السلبية التي تنقلها النساء الى الأجيال الأخرى دون أن تعلم. وهي استراتيجية استسلامية تعزز ثقافة هيمنة الرجل على المرأة وضياع حق المرأة في العيش الكريم بسبب ثقافة تبنيها النساء أنفسهن وتنقلها النساء للأجيال القادمة ذكورا كانوا أم إناثا.



ومن هنا أجد من الضروري الحديث عن حالات تمسكن بحقهن، وخرجن وتحدثن عن العنف الذي تعرضن له، والكيفية التي استطعن بها الخروج من دائرة العنف. أن عرض مثل هذه الحالات يكون بمثابة شعاع أمل يزرع الأمل في مستقبل أفضل في نفوس نساء اخريات، كان قد وصل بهن الحد الى الاعتقاد أن ليس هناك أفضل مما هو موجود بالرغم من القهر والعنف.



وللإعلام دور كبير في التأمل في ثقافة المجتمع التي تتعلق بنظرة المجتمع للمرأة، وفي ايصال صوت النساء الى فئات المجتمع المختلفة. وفي هذا السياق أشير إلى مبادرة تلفزيون وطن في بث برنامج شعاع الأمل التي تقدمه الاعلامية سائدة حمد. وتثير الاستاذة سائدة حمد خلال حلقات برنامجها الذي يتناول قضايا النساء الكثير من القضايا الحساسة مثل العنف والتحرش الجنسي داخل الاسرة القوانين التي تخص قضايا المرأة، اضافة لعرضه لحالات لنساء يروين قصصهن مع العنف والاضطهاد وكيفية مواجهتهن له. ويطرح البرنامج على ضيوفه الذين يستضيفهم في استوديهات تلفزيون وطن تساؤلات الشارع الفلسطيني مضافة اليها جرأة تطالب في اعادة التفكير في القوانين الحالية والاعراف المجتمعية التي تضهد للمرأة في دعوة صريحة لتغيير واقع المرأة الفسطينية ونيلها حقوقها.



وبعد الحديث عن اطار الأسرة والمجتمع، يأتي دور الدولة بسلطاتها الثلاثة. فتطور المجتمع الثقافي يحتاج وقتا، وقد يحدث أن يكون التطور سلبيا خصوصا بما يتعلق بحقوق المرأة. وبما أن العنف بأشكاله مستمر ضد المرأة، فليس من المنطقي انتظار تطور المجتمع. ففق الوقت الذي تعمل فيه الدولة على توجيه ثقافة المجتمع نحو وجهة معينة بناء على برنامجها السياسي، يقتضي الأمر أيضا سن قوانين تتلاءم والاعلان العالمي لحقوق الانسان، وبما أن حقوق المرأة هي جزء لا يتجزا من حقوق الانسان المعترف بها عالميا، قليس هناك من مبرر لتعطيلها بالرغم من الصعوبة التي قد ترافق تنفيذها في الفترة الأولى. واود أن أشير هنا إلى أمر ضروري ومهم، وقد تحدثت سابقا على أن رفض ثقافة المجتمع التي تبرر العنف أمر ضروري، إلى وجوب توفير أماكن امنة للنساء اللواتي يرفضن عنف الرجال في هذه المرحلة من الثقافة المجتمعية، وضرورة أن تعرف النساء في المناطق الأقل حظا عن هذه الاماكن. وقد يعتبر هذا تمييزا ايجابيا لصالح المرأة التي عانت وما زالت تعاني من التمييز السلبي الذي خلق هذه الثقافة التي تجعل من جسد المرأة وضعف تركيبتها العضلية مقارنة بالرجل محورا للتعامل مع المرأة والهيمنة عليها.
Published in www.wattan.tv

Like this story?
Join World Pulse now to read more inspiring stories and connect with women speaking out across the globe!
Leave a supportive comment to encourage this author
Tell your own story
Explore more stories on topics you care about