Sexual abuse against women



الإعلامية / هند على الهوني



إن الألم هو حقيقة الإنسان القادرة على وضعه وجهاً لوجه أمام تحديات الزمن ... أكتب هذه الكلمات بعدما أشرقت شمس تبدد على إثرها الكابوس
لم يكن ثمة بداية لان الحق قيمة فمن خلال سلوك الذات البشرية يتضح صدقه وأكثر ما يكون في المعاملة والعمل به .ففي شهر نوفمبر من العام 2006 مارست المهنة بالهيأة العامة للصحافة في ليبيا ، كان السائد بان صحف الدولة \" مُسيسه \" وهي أحد أبواق النظام الحاكم ، قول يحمل جانب من الصحة بدليل الأسلوب القمعي والتعسفي من أجل تغطية أكاذيب يوم \" الفاتح \" وما يقومون به من هرج ومرج تبجيلاً وتمجيداً لشخص يدعي الزعامة ومن هذه الأساليب قيام إدارة الفرع بمدينة بنغازي على \" سرقة \" الصورة الشخصية المرفقة بالملف الوظيفي لكي تصنع بطاقة التصريح الصحفي من أجل تغطية هذه المهازل دون أخذ علمنا بذلك وهو أمر منافي لأبسط الحقوق الإنسانية .



حاولت جاهده خلال الفترة الزمنية من عملي ضمن قطاع الدولة في الإعلام من تبيان قناعتي وتحديد موقفي فيما يخص توجهي وكان نظير ذلك الإيقاف عن العمل لفترة ما وممارسة الضغوطات من جراء تبني قضايا بعينها ، هؤلاء المسؤلين من موقع وظيفتهم استطاعوا التضييق علي في عدم النشر الإلكتروني لفترة من الفترات . كان ثمة عدة جبهات لمحاولة ردعي منها أختفاء موادي الصحفية من جهاز الحاسب الآلي الوحيد بصحيفة الشمس بالإضافة إلى اختراق ثلاثة ايميلات على الياهو وأخر على الهوتميل ثم عمل صفحة لي على الفيس بوك مزورة تؤيد الطاغية القذافي . وقبلها سرقت جهاز حاسب آلي مكتبي أستخدمه من مقر صحيفة الفجر الجديد .



مواقف لا تنسي
عندما سجلت بالفيس بوك وأنشأت صفحة كانت فرحتي غامره إذ أعتبرته فضاء خاص للتعبير ومتنفس شخصي بل المسؤولة الأعلامية عن الصفحة في كل ما أنشره وقد أشبعت بداخلي هذا الشغف لمهنة أرتضيت معناتها برغبة غامرة ، وبالفعل شكلت جزء لا يتجزء من شخصي حتى جاء الوقت الذي تحدث فيه معي المدير الثاني لفرع الهياة بمدينة بنغازي وهو السيد عبد الرسول العريبي في محاولة لأحجامي عن نقل ما وراء الكواليس وعرضها عبر هذا البراح والبوح بكل ما يخالجني من جوانيات وذلك عبر حادثة أستلامي لأول جهاز تسجيل يدوي بعد أكثر من خمس سنوات عمل بالهيأة . ذكرت ذلك وأذ به في اليوم التالي يستدعيني للحديث في هذا الموضوع
أيقنت أن ثمة من لديه مهمة إيصال معلومات وفق عقله المتخلف ونفسه المريضة .



موقف أخر أتذكره للسيد محمد بعيو الذي كان رئيس لجنة أدارة الهياة العامة للصحافة في ليبيا خلال عام 2010 عندما أنزعج من عرض أستطلاع صحفي لي بموقع جيل الإلكتروني في حين سبق أن تم نشره بصحف الهيأة وقد تسألت ضاحكة يومها بانه يلتفت لما هو موجود بالشبكة العنكبوتية ولا يقراء الصحف الصادرة عن الهيأة المسؤول عنها .



أما السيد خليل العريبي الذي تولي أدارة قسم الشؤون الإدارية والمالية بفرع الهيأة العامة للصحافة منذ نشأتها وحتي عام 2010 ومن دافع لم استطع تحديده أن كان حرص أم تهديد ، أتذكر أنه وبخني بأسلوب جاد أثناء تبنيني لقضية هامة وهي حادثة الإعتداء الإسرائيلي بسقوط الطائرة الليبية في صحراء سيناء عام 1973 ومواكبة ذكراها السنوية ، أما المسرحية الواقعية التي تم تاليفها لإيقافي عن العمل في شهر رمضان المبارك بسبب عدم ذهابي لتغطية ملتقي سيف الأسلام القذافي بمدينة البيضاء كان لها التأثير البالغ كوني الوحيدة التي اتخذ ضدها هذا الأجراء من أدارة الفرع رغم تخلف بعض الزميلات عن الذهاب أيضاً .



• علاقتي بالعالم الأفتراضي



أن علاقتي بالشبكة الإلكترونية كونت نافذة اطل منها على العالم ليرى ويسمع نموذج ليبي يود أيصال الكثير عن بلده الحبيب ليبيا ومما زاد من حماسي اندلاع الثورة التونسية التي اشعرتني بالفخر والإعتزاز لقدرة الإنسان العربي على التغيير وصنع المستقبل من أجل قيمة أفضل له داخل وطنه ومن ثم لحقتها الثورة المصرية التي اوقعتني في حيره لما لمصر من مكانة حضارية وتاريخ عريق كنت أخشى من أي ثغرة تقلب الموازين وتقع الدولة في مازق ولكن بفضل الله حقق الشعب رغبته في التغيير ... طوال تلك الفترة كان تفاعلي مع باقي الأصدقاء في حشذ الهمم من أجل كشف الستار عن عيوب أوجدها القذافي عبر مسميات أعتقد أنها ليست ذات جدوى في إقامة دولة ، ومن ضمن ما كتبت (( على من يمثل ليبيا في الخارج وصاحب القرار في الداخل ان يعي العجز الذي حل بإنظمته طوال 42 سنة وعليه تقع مسؤولية التحول بكل وعي ودون الدخول في شغب )) كما استوقفتني المقالة المنشورة للكاتب محمد اسحيم عن المطالبة بدولة دستور ذات قضاء مستقل ومؤسسات مدنية قمت بنقلها إلى صفحتي من أجل التفاعل والمشاركة . ولا يفوتني السجال الذي دار بيني وبين الزميل فاتح الخشمي عندما رجع هو ومن معه من الإعلاميين والكتاب والحقوقيين من زيارة للقذافي ، امتعضت لما ذهبوا من أجله ألا وهو – كما جاء في تغطية صحيفة قورينا سابقاً – الإصلاح وأتذكر جيداً عندما وضحت لفاتح الخشمي \" كان من المفترض أن يدور الحديث عن التغيير وليس الأصلاح \" فرد عليا بأن ذلك \" خط أحمر !!!



• محاولة الإعتقال والتهديد بالإغتيال



يوم الإربعاء 16/2/2011 عند الساعة الثامنة ليلاً جاءني اخي متسائلاً ما الذي فعلتيه ؟ والذهول يكسو وجهه في حين لم أفهم مغزي سؤاله إلا عندما ذكر بان افراد من الأمن الداخلي جاءت لإخذي – أعتقالي – أصابتني الصدمة وقتها ، كون أن الحدث يعد الأول في حياتي لدرجة اني لم استطع الحِراك وتبادر لذهني ... ماذا أقول لأمي في الخارج ؟
حاول أخي تبسيط الأمر لمن تحملت عبئ تربيتنا وتعليمنا عندما توفي الوالد وأنا لازلت طفلة في التاسعة من عمري ، ذكر لها أخي بان حملة أعتقالات قُصد بها الإعلاميين تسبق يوم 17 نوفمبر وهي إجراءات امنية لا غير وبالفعل تقبلت أمي ما يجري برفق في حين اتفقت مع اهلي على الهروب والنجاة بنفسي من هؤلاء الشراذم القذافية .... لم تكن طريقة الخروج سهله وهم على مقربة من البيت ، تنكرت في الملابس و أثناء خروجي قابلني أخي الأكبر توجهت ناحيته والعبرة تخنقني والدموع تتزاحم في عيني وأنا أقول \" لا تركن لأحد ... لا تنذل لهم فأنا لم أفعل شئ \" خرجت سريعاً على كلمات تأكيد وطمئنه منه وً بالإتفاق مع أخي الذي ينتظر على طرف الشارع المجاور ، نزلت على عجل من السلالم حتي أنه عند مدخل البيت وجدت سيارة .. فتحت الباب وركبت من الخلف ، أنتبهت لغرابة صنيعي تأسفت للسائق ومن جاوره \" وهو أحد الجيران \" تأهبت للخروج وإذ بإبن الجيران يؤكد على بقائي لانه على علم بما يحدث ، تقدمت بنا السيارة لأخذ أخي من ناصية الشارع الخلفي في حين طأطأة برأسي في محاولة لعدم معرفتي ، وأثناء ذلك حاول أبن الجيران وصديقة من يقود السيارة تهدئة روعي في حين ينظر أخي من الزجاج الخلفي للسيارة لمراقبة ما إذ كانت سيارة أخرى تلحقنا ، أشار أخي للسائق بان يدخل للشوارع الفرعية لان بالفعل كانت سيارة ورائنا وعند دخولنا للمنطقة حيث سكن أختي المتزوجة أصبحنا نتجول بالسيارة بين الشوارع فيما يشبه لعبة \" الدهليز \" وبمجرد غياب السيارة عن ناظرنا طلب أخي من السائق أن يقف من أجل النزول ، ألح عليه أبن الجيران أن يوصلنا حتى باب البيت ولكن أخي قال له \" لا أريدهم يعرفون البيت ، أذهبوا أنتم وسوف نكمل أنا وهند على الأرجل \" بالفعل أخذنا في طوي الأزقة بأقدامنا المتلاحقه ودقات قلوبنا المترادفه حتى طرقت باب بيت أختي ، كانت الأجواء عائلية وتعج بالأطفال ، مكثت فترة مع أهل زوجها وأبنائها لانها في الخارج تؤدي واجب العزاء لأسرة أحد الشهداء ، وحال رجوعها ودخولها البيت فرحت بوجودي إلا أني طلبت الحديث معها على أنفراد ، انصاعت لرغبتي وتوجهنا لإحدى الغرف وما بداية الحكي وجدت الدموع تسبقني وأن أقول لها \" احضري لي سم فئران ولا يأخذني أعوان القذافي \" احتضنتني بقوة وقالت \" استغفري الله ، تقتلي نفسك من أجلهم وتغضبين الله في كهذا معصية \" حاولت طمئنتي وبأنهم لن يستطيعوا إيذائي .
جهزت لي ليلتها سُبل الراحة ولكن لم استطع النوم رغم نعاسي الشديد كان الخوف يوقظني \" لأول مره أعلم بان أحساس الخوف يستطيع الحيال دونك ودون شدة النوم \" أخذت أذكر الله وأقراء القرآن لتحسبي الموت في أي لحظة من قوة الرجفة التي بداخلي وتعرقي وتصاعد ضربات قلبي \"
هذا اليوم وليلته أقفلت جهاز هاتفي المحمول حتي لا يدركون موقعي وأصبح الحديث من جهازي اختي مع امي وأخوتي بشكل مشفر وعبارات مرمزه ، اجري خلالها أخوتي مع أفراد من القبيلة اتصالاتهم ببعض النافذين في الدولة من معارفهم وقد كان هذا الأجراء الطبيعي للخروج من أي مأزق في عهد القذافي . وبفضل من الله وحده وعنايته أثمرت هذه المحاولات لنتيجة وهي عدم التعرض لي . علمنا فيما بعد من احد أخوته إن من دلهم علي بيتنا هو المسؤول عن الاعلام والثقافة سابقاً بمدينة بنغازي \" فايز العريبي \"



أشرق صباح الأنتفاضة يوم 17 فبراير ولازال الجميع في ذهول مما يجري ولازلت في بيت أختي أرتقب ... مرت الدقائق بصعوبة خوفاً من أن يتعرضوا لأهلي لانه وبحسب ورقة الضبط والأحضار قال الضابط لأخي \" أن لم تجلبها ستتحمل أنت المسؤولية \" تسمرت أمام شاشة التلفاز أستمع لنشرات الأخبار وأتنقل بين القنوات الفضائية ومنها سمعت في قناة الحرة خبر أعتقالي وأن الأمن يحاوط البيت .... كما توالت الاتصالات على جهاز تلفون أختي لطمأنتي وأستقرار الوضع بأني في أمان .... رجعت بعدها إلي بيتنا ولكن بقيت تحت الأقامة الجبرية من قبل الأهل لم أستطع الخروج أو المشاركة طوال أسبوعين ...
سأختم حديثي بشكر الله عزوجل لعدم وقوعي في قبضة حكومة القذافي مع أن الموت شرف على تراب هذا الوطن .

Like this story?
Join World Pulse now to read more inspiring stories and connect with women speaking out across the globe!
Leave a supportive comment to encourage this author
Tell your own story
Explore more stories on topics you care about